ربما تكون من أكثر الأزمنة المتميزة بارتفاع شعارات الحرية والتعددية والحقوق والواجبات، وهي نفسها من أكثرها بروزًا في مصادرة الآخر وبشعارات الحرية والتعددية والحقوق والواجبات..
قال قيس: لا بد من التحليل والنقد، فهذا مفتاح التكامل وسر من أسرار التقدم.. ولكن نقدك لي مضيعة وقت وترف، والأولى أن تعمل وتبني نفسك بدل الإنشغال بي!!
فقالت ليلى: للتو أجزت لنفسك التحليل والنقد موضحًا أنهما من أسباب التكامل والتقدم، فلماذا تصادر حقي في تحليل مواقفك ونقدها؟
فأجاب قيس: أنت دكتاتور مستبد، فأنا أصادر حقك من منطلق حرية الرأي والتعددية الثقافية، فافهم يا جاهل.
ردت ليلى: فإذًا من حقي أيضًا مصادرة حقك في التحليل والنقد من منطلق حرية الرأي والتعددية الثقافية!
فقال قيس: إنك تعاني من خلط عظيم في المفاهيم، فأنا غيرك وأنت غيري، وحينما أحلل وأنتقد مواقفك فهذا لدواعي موضوعية، ولكنك تفعل لهدمي والإضرار بي، فلا تخلط الأوراق رجاءً وتارك عنك اللف والدوران.
ليلى مجيبةً: بل هذا ما تمارسه أنت وتريد إسقاطه علي.. أنت متناقض وخطر على المجتمع..
حسمها قيس بقوله: (اطلعي في الهده وأراويش)!!
…………………….
قال جحا: من الطبيعي جدًا أن أختلف معك، فهذا مما لا ينبغي التحسس منه على الإطلاق.. ولكنك عندما أوهمت الناس بأن اختلافك معي كان اختلافًا طبيعيًا فقد دلست عليهم وهذا واضح جدًا، فأنت قاصر نظر وحكمة وعقل ودين؛ وإلا فبماذا يُفَسَرُ اختلافك معي وشقك للصف وإثارة الفتنة في البلاد بين العباد؟
رد البهلول: تَبًّا لك وسحقًا يا جحا.. بكل وقاحة تسقطني وتقدم للناس نيتي بحسب ما تهواه نفسك وتقتضيه مصالحك؟؟ ألا تستحي؟؟ لإنه مجرد اختلاف في الرؤى ومن الطبيعي أن أطرح رؤاي وأتباين معك، وهذا ما تقول أنت به، فلِمَ هذا الإقصاء الإجرامي منك؟
أجاب جحا: اترك عنك قلة الأدب يا بهلول، فأنت مكشوف للجميع ولا داعي لتقمص ما هو ليس لك بقميص ولا حتى (زنجفره)، واصمت تمامًا، فانا لا أريد كشفك وتعريف الناس بالجهات المشبوهة التي تتعامل معاها!!
عَقَّب البهلول: أنا؟؟ جهات مشبوهة؟؟ يا جحا والله في فمي ماء، فاستر على نفسك قبل أن ألفظه وأسقيك من الكأس الذي (يا ما) سقيتني منه؟ أنسيتَ؟ نسيتَ تلك اللقاءات مع (…) وعلى فكرة، فهي موثقة عندي..
………………………..
تحدث جنكيز خان فقال: ليس من حق أحد أن يفرض خياره على الناس، ولا قرار إلا وأن يكون منهم وإليهم.
رد عليه تيمور لنك: أنت تفرض خيارك على الناس وهو أن لا خيار يُفرض عليهم إلا أن يكون منهم وإليهم، وما قلته أنت ما عرفناه عنهم خيارًا!!
أجاب جنكيز خان: سفسطة منك (تزوغ المُر)، وعلى أية حال فإن خياراتي هي خيارات الشعب، ومصادرتك لها مصادرة لهم، فاصمت يا جاهل.
لم يسكت تيمور لنك، وقال: لا تتحدث باسم الشعب يا مدلس لا غشاش، فالشعب معي ومعي خياراتي، ولا يفرض نفسه عليهم إلا أنت بالتضليل والتعمية والتجهيل..
قال جنكيز خان: إما أنك أعمى أو تتعامى وإلا فأنت فاقد للشعور والإحساس بل لا وجدان لك.. ألا ترى يا أحمق الجماهير معي؟ ألا ترى الشارع الذي أمتلكه؟ بأي منطق يا هذا تتحدث وبأي عقل تفكر؟
زمجر تيمور لنك: الناس مساكين، وأنت تستغلهم أبشع استغلال، ولو أنك تبتعد قليلًا فرأيت أن خياراتي هي خياراتهم، ولكن إرهابك الفكري يبدد عقولهم، فرحمة بهم ارحل واتقي الله..
أجاب جنكيز خان: وهذه سقطة مدوية يا تيمور.. أتتهم الناس بالبساطة والجهل وعدم القدرة على التمييز؟؟ هكذا تنظر إلى الناس لتعطي نفسك حق التفكير عنهم؟؟ (أقول يا وجه استح)..
فكان جواب تيمور لنك: طينتك يا جنكيز عجنت بالتدليس والتزوير والخداع والضحك على العقول، ولكن: هذا الميدان يا حميدان، ولنرى من يضحك في الأخير..
(طيب والناس؟؟ هل يضيعون من جنكيز وتيمور؟؟)
…………………………….
تشتغل المطابع في مجتمعنا على قدم وساق دون توقف ليل نهار، فالبطاقات تنفذ بمجرد أن يتسلمها أصحابها..
بطاقات (صك الإيمان).. بطاقات (صك الغفران).. بطاقات (صك الإخلاص).. بطاقات (مختومة التضليل).. بطاقات (مختومة التفسيق).. بطاقات (مختومة الزندقة).. بطاقات (مختومة اللعنة)..
والتوزيع له فرق متخصصة.. هذا خائن وذاك عميل وفلان ضال وفلتان زنديق وأخوه ملعون وعمه زعطوط، والمقابل بالمقابل..
وأجمل ما في الموضوع أن كل هذا باسم الحرية والتعددية والانفتاح والديموقراطية والخوف على المجتمع وحماية الناس..
أُحِبُّ هذه المقولة الشعبية كثيرًا:
(وتاليتها، أبو سكنة مطَبَّر)
السيد محمد علي العلوي
4 جمادى الأولى 1435 هجرية
6 مارس 2014 ميلادية