أصيبت ابنته في الفترة الأخيرة بنوبات من الغثيان.. دوار.. زواع.. روائح تنزعج منها وكانت بالأمس تحبها..
إنها غير متزوجة ولا مخطوبة ولا مطلقة ولا أرملة، بل هي عزباء (بكر)..
قال لها: يا ابنتي، قد نصحتك كثيرًا أن لا تأكلي من المطاعم.. (يا الله، حالة تسمم وتروح إن شاء الله)..
بدأ بطنها بعد أيام (ينتفخ)!!
قال لها: يا حبيبتي، انتبهي إلى نفسك قبل أن تستحكم السمنة فيكِ ثم تضطرين إلى برامج حِمية وما شابه..
كَبُرَ بطنها أكثر وأكثر..
قال لأمها: لقد اشتريتُ مِنَ العطار أنواعًا من المياه المُلينة (مرقدوش.. زموتة.. نعناع.. مرمية..)، فالغازات التي ابتليت بها ابنتنا صعبة وتحتاج إلى علاج..!!
بعد تسعة أشهر داهمتها أوجاع رهيبة، فأخذها أبوها إلى المستشفى..
أدخلت غرفة (الولادة)..
أنجبت طفلًا!!
جاء أبوها وقال لها: سبحان الله، كيف لجنين أن ينتقل من بطن أمه ليسكن في بطنك يا ابنتي!!
لكن، الحمد لله رب العالمين الذي أراحك من الغازات التي ما فارقتك لتسعة أشهر بتمامها..
أخذها والطفل بعد أن قرر (العناية به)!!
لا يريد التصديق، فالأمر موجع مؤلم مرعب مخيف، فابنته حامل من سفاح!!
أفهم جيدًا أن هذه القصة التي نسجتها من وحي الخيال من الصعب حصولها إلا مع أهبل أغبر، ولكن الذي أردته هو الإشارة إلى أن هناك عناوين حقيقية بنسبة 100%، لو أننا ننكشف عليها لأصبنا بالذعر ولتكسرت في دواخلنا النفوس، ومن شدة صعوبتها فإنني حتى لا أتمكن من الإشارة إليها!
إننا في الواقع وكما نعيش الأخوة والمحبة والتقارب إلى حد ما، غير أن أجواء الكذب والخداع والتدليس والتقمص قد اخترقت ووصلت إلى مواقع حساسة جدًا، حتى أصبح الكثير من بني البشر مثل ذلك الأب الذي لم يصدق على ابنته العزباء أنها حامل من سفاح حتى بعد وضعها!!
وبالفعل فإن تكذيب العين والسمع، وتكذيب العقل والمنطق، كلها أصبحت ثمنًا للمحافظة على عناوين عالية تقوم عليها ثقافات وأدبيات بل وعقائد تقمصت ثوب الثوابت كما تقمصها فلان وهو يعلم أن محل أمير المؤمنين (عليه السلام) منها محل القطب من الرحى!
إن للتعلق بعناوين معينة من الآثار ما يمكن أن يكون كارثيًا بحسب شدته (شدة التعلق)، فكلما كان على نحو الإتكاء والسند كلما كانت السقطة أشد، وكلما اتخذ صبغات التقديس والتنزيه كلما كان القلب أقرب إلى الإنفجار عند وقوع المحذور، ولذلك كان من العقل والحكمة أن يحافظ الإنسان على علاقاته مع كل العناوين دون الثقلين طبيعية لا مبالغة فيها ولا رفع ولا أي شيء من هذا القبيل، فأنا أحترمك وأقدرك لما فيك من خير، وأما الأخطاء وربما الأكبر منها فهي جائزة عليك وعلي، ولا ينبغي لأحدنا أن ينهدم إن ظهر في الآخر ما لا يتمناه مهما كان شديدًا قاسيًا.
نعم، فهنالك من القضايا التي تشير إليها مجموعةٌ من القرائن الواقعية، يرفض الكثيرون البحث عن تحققاتها؛ والسبب هو أن التصديق فيها يشبه تصديق صاحبنا الأب الذي استضفناه في السطور الأولى!!
وبالفعل، فإن مجموعة من الأسئلة لها من البركانية ما يجعل الإجابات عليها مرعبة مخيفة موجعة..
السيد محمد علي العلوي
19 ربيع الثاني 1435 هجرية
19 ميلادية 2014 ميلادية