هناك مؤيدان قرآنيان لواقعية القوة الأمريكية..
أما الأول فهو قوله تعالى (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ).
وأما الثاني فهو (قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)، وعلى نسقها (وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ).
لا بد أولًا من الإشارة إلى أن حديثنا على هذه القوة الهائلة لا علاقة له بأمريكا ككيان منظم يقع في بعض الأرض ويدير معظمها (بل كلها)، ولكننا نتحدث عن قوة واقعية انطلقت منذ اللحظة التي استكبر فيها إبليس وأبى السجود لآدم (عليه السلام) عاصيًا الأمر الإلهي، فمرة تكون تحت اسم الروم وأخرى الفرس ثم الترك، وبريطانيا (العظمى) حتى جاء الدور لتكون في (الولايات المتحدة الأمريكية)، والملفت أن القوى التي أدارت العالم لم تخرج عن سلطان الاستبداد والطاغوتية إلا في لمحات تاريخية قليلة!
تلك القوى وهي اليوم في (أمريكا) طلبت الدنيا (بإخلاص) واتبعت الشيطان (بإخلاص) وبنت بنيانها على قوانينه (بإخلاص)، وبالمعادلة القرآنية فإنه لا يتمكن من مقارعتها إلا من يماثلها في التوجه و(بإخلاص) أو من يقابلها (وبإخلاص تام).. (إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ).
اليوم.. انتهى الأمر، وقررت القوى العظمى تغيير وجه التاريخ بعلمانية تُتِم بها إحكام القبضة الثقافية على الكرة الأرضية، وبالتالي السيطرة على (كل شيء)، وقد انجزت بالفعل المراحل الأساسية بعولمة محكمة جدًا، ولن يقف أمامها لا أنظمة حكم ولا حكومات ولا شعوب، بل هي تستعمل الشعوب بامتياز في تحركها الأخطبوطي وتحت عناوين براقة تأخذ بالألباب.. ديموقراطية.. ليبرالية.. حرية.. حقوق إنسان.. تقرير المصائر..
عناوين أصبحت أوتار والعازفون شعوب مخنوقة باوركسترا إبليسية شيطانية غاية في الاتقان.
(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)، هو بيت عنكبوت في مقابل الولاية لله تعالى، ولكنه فولاذي في هذه الدنيا، فقضية أن تكون القوى الدنيوية العظمى كبيت العنكبوت متوقفة على المقابلة الصارمة في قوانينها، وهي التي لم تتحقق حتى الساعة إلا في حدود ضيقة ومساحات لا ترقى لمغالبة (الشيطان الأكبر) إلا في حدود اللعبة (السياسية).
ما نحتاجه اليوم هو الوصول الحقيقي للمرحلة التي وصل إليها الرسل (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)، ولا معنى لليأس إن لم يكن بعد الانقطاع التام إلى الله تعالى نظرًا وعملًا..
وإلا فالغلبة إلى (الشيطان الأكبر) وهو القادر على إيهامنا (بالنصر)..
السيد محمد علي العلوي
5 من ذي الحجة 1434 هجرية
11 أكتوبر 2013 ميلادية