المجتمع البحراني ومشكل (الشعرة)!!

بواسطة Admin
0 تعليق

لا زلت أكرر مؤكدًا على أن (النقد) والإنفتاح على (الرأي الآخر) هو الطريق الأمثل للتطور والتكامل وتحقيق الإنجازات وتصحيح المسارات، وحجتي في ذلك النقص الأصيل الذي يعيشه الإنسان كل إنسان دون المعصوم، ولأن الحال هذه كان لا بد لنا من ممارسة (النقد) ومتابعة (الرأي الآخر) تحقيقًا لقول أمير المؤمنين (عليه السلام): “اضربوا بعض الرأي ببعض يتولد منه الصواب”، فالنقد للتصحيح والتقويم، والانفتاح على الرأي الآخر لجمع العقول إنما هو سر من أسرار النجاح والتقدم، غير أن في الأمر إشكالات ثلاثة:

الإشكال الأول في (الشعرة) بين النقد والإتهام:

يعتمد النقد على القراءة الصحيحة والتحليل الدقيق وربط الصور ببعضها البعض ثم مقارنتها بما هو مفترض والترديد بينها للظفر الثقافي والفكري بالأصح، وكلما فعلت أدوات النقد بشكل جيد من الناقد، وكلما اتسع صدر الآخر الذي يوجه له النقد وكان من العارفين بأن التصحيح لا شك في أنه خطوة في صالحه والصالح العام، كلما تقدم المجتمع وتطور واقترب من تحقيق أنجازات حقيقية تنقله نوعيًا من مرحلة إلى أخرى، وفي كل ذلك لا يطالب الناقد بأكثر من قراءته وما يملك من أدلة على صحته أو لا أقل احتمالها.

ولكن (الخطاب) إذا تحول من لون (القراءة والتحليل) إلى لون (الإتهام) فإنه في هذه الحالة مختلفة موضوعًا وحكمًا، ولذلك يطالب العقلاءُ المدعي بالبينة على ما يوجهه من تهم إلى الآخر، وأقول البينة حتى أُخرج مجرد الإستدلال بالقرائن الملتقطة والتي لا تنفع أن تكون (بينة) إلا إذا وصلت في قوتها إلى مستوى (البينة)، وفي هذا الميدان تحديدًا ينبغي لنا توخي الحذر من إتهام المؤمن، وهو بحسب مقرر الخطاب العتروي من شهد لله تعالى بالوحدانية ولمحمد (صلى الله عليه وآله) بالنبوة، ولعلي (عليه السلام) بالولاية، وفيه قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): “احمل أخاك (المؤمن) على سبعين محمل من الخير”!!

ليس من الهين اتهام (المؤمن) بالبناء على مجموعة القرائن تؤثر في فهمها الحالة الثقافية والإجتماعية والنفسية للمدعي..

بلى، من حقك أن (تحتمل) كذا وكذا بناء على القرائن الكذائية، وأما القطع والمضي في مقتضياته فهذا مشكل كبير نحتاج إلى حله بنشر الثقافة الصحيحة للنقد والتحذير من مغبات التهمة.. هي (شعرة) دقيقة بين العنوانين إلا أن الوقوف عليها أمر في غاية الأهمية.

الإشكال الثاني في (الشعرة) بين حرية الرأي والفوضى:

يرسم بعض الشيعة (رمزًا) وهابيًا في صورة (حيوان)، وفي المقابل يقوم وهابي برسم (رمز) شيعي في صورة (شيطان)..

الشيعي يرى الوهابي امتدادًا لخط الخوارج، والوهابي يرى الشيعي مجوسيًا كافرًا، فهل هذه الرؤية من كل واحد إلى الآخر تسوغ التعدي بالرسم المسيء أو القصيدة الإستهزائية أو ماشابه؟

من الطبيعي أنها إذا ساغت لواحد فلا مانع من أن تسوغ للآخر الذي يقابله، فهل نجيز مثل هذه السلوكيات بحجة (حرية الرأي)؟؟

عندما يتهم الواحد الآخر بلا (بينة قطعية واضحة) وينشر اتهامه فيجابهه الآخر برد (صاعق) وعلى هذا المنوال تستمر التقاذفات، والذريعة هي (حرية الرأي)!!

عندما تنتشر الخرافات والخزعبلات وخصوصًا عبر الرسائل الألكترونية ومواقع التواصل على الشبكة العنكبوتية، فهل تترك هكذا بحجة (حرية الرأي)؟؟!!

هناك فرق بين حرية الرأي والفوضى، أما الأولى فيحكمها إطار الموضوعية وسلطة الإحتمال والتجرد من الإساءة إلى الآخر، في حين أن الفوضى هي سحق للمعايير والقيم وتحويل المجتمع إلى سوق (ليلام) لا تسمع فيه صوتًا مفردًا مهما أنصت!!

الإشكال الثالث في (الشعرة) بين القائل والمقال:

تحدث أحدهم وكان حديثه في منتهى القوة والمتانة موضوعًا واستدلالًا وطرحًا، وكان المجلس منشدًا إليه في صورة جميلة ، وبعد مغادرته سأل بعض الحضور عنه فجاء الجواب أنه فلان من التيار الفلاني ويرجع في تقليده إلى المرجع فلان..

جيد.. لا بأس..

اشتغل التحليل وتفصيص حديثه، ولكن هذه المرة مختلفة تمامًا عن سابقتها التي لم تتجاوز الدقائق في وجودها الزمني، فالآن هناك خلفية وموروث وسيطرات قوية تبعد المتفكر عن الموضوعية وترمي به في أحضان التحميل بما لا يحتمل، وبعد سويعات يكون ذاك الذي للتو امتدح صاحب مآرب وأجندات ومخططات!!

أسأل سؤالًا واحدًا لا غير:

إذا كان الكلام صحيحًا، فما لك والقائل؟

مطلوب مني ومنك ومن كل أحد محاكمة الكلمة في موضوعها، وأما القائل فمحاكمته قد تكون ولكن ليس في مثل مقامات كهذه.

كلمة أخيرة:

الوعي سلاح العامل، وبلا إياه فلا نجاح في عمل إلا من قبيل (ضربة أعمى صادت أرنب).

السيد محمد علي العلوي

8 ذو القعدة 1433هـ / 25 سبتمبر 2012م

 

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.