تحدث القرآن الكريم عن الجهاد في سبيل الله تعالى وبين شيئًا من شرف المجاهدين وخطر أمرهم، فقال (فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا)..
ولكنه تحدث عن أمر آخر أيضًا في ما يخص الشخصية الإيمانية على طريق استحقاقها النصر والتأييد من الله جل في علاه، فقد قال (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ)
جهاد بالمال والنفس.. علم وفهم وفقاهة ومعرفة، كلها من مقدمات الحكمة..
ولكن هناك جانب آخر أيضًا..
فلنتأمل قليلًا..
خطاب من الله تبارك ذكره الى رسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله) يأمره بتحصيل ما يهيئه لتلقي أمر عظيم..
قال له (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلا * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا)..
لماذا يارب؟
(إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلا)
صلاة الليل وترتيل القرآن تَهيِئَةٌ لتلقي أمر عظيم من السماء، فكيف هي لو قدم بها المجاهدون وطلاب العلم والمعرفة؟
كمجتمع إيماني.. ما هو مستوى اهتمامنا بالعبادة؟ من أي منظور نتحرك؟
فلنتأمل هذا الحديث العظيم..
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: “إن الله ليدفع بمن يصلي من شيعتنا عمن لا يصلي من شيعتنا ولو أجمعوا على ترك الصلاة لهلكوا، وإن الله ليدفع بمن يزكي من شيعتنا عمن لا يزكي ولو أجمعوا على ترك الزكاة لهلكوا، وإن الله ليدفع بمن يحج من شيعتنا عمن لا يحج ولو أجمعوا على ترك الحج لهلكوا، وهو قول الله عز وجل: (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)، فوالله ما نزلت إلا فيكم ولا عنى بها غيركم”.
إنها صورة الشخصية الإيمانية المجاهدة التي تراهن عليها السماء، وتتحدى هي العالمين بالله جل في علاه..
محمد علي العلوي
4 ربيع الثاني 1434 هجرية
15 فبراير 2013 ميلادية