من وصية رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) لأبي ذرٍ الغفاري (رضوان الله عليه)، قال: “يا أبا ذر، كفى بالمرء كذبًا أنْ يُحَدِّثَ بكلِّ ما سَمِعَهُ”
الكلام (وجودٌ) يراد به الحكاية عن الواقع، أو إنشاء ما يحكي عن الواقع، وقد يقوم بهذا الدور (وجودٌ) آخر كالتابة، أو الرسم الرمزي أو الإشاري أو ما شابه..
يتميز عصرنا الحاضر بـ(وجودٍ) عصري، هو ما يُعبَّر عنه بـ(وسائل التواصل “التكنلوجي”)، وهي وسائل فيها طوفان من الآفات الخطيرة، منها:
أن ينقل من يستعملها ما يصل إليه دون تدقيق ولا حتَّى تحقيق أوَّلي، وكأنَّه أمام ما يصله مسلوب الإرادة، فيكون في حكم (من يُحدِّثُ بما يسمعه)، فهو واقعٌ في الكذب لا محالة، لقوله (صلَّى الله عليه وآله) “كفى بالمرء كذبًا ..”!!
بل لا يبعد أن يكون الغالبُ ممَّا يُتداول كذبًا وافتراءات ومرسلات ساذجة، يُلبِسُونها قمصان الجمال بمونتاجات وإخراجات وتركيبات تكنلوجية قد تمَّ من خلالها التطبيع التام مع الكذب واستخفاف الهراء..
ينبغي أن لا نقبل على أنفسنا التحول إلى دُمى مسلوبة الإرادة في أيادي (أغبياء سفهاء مفسدين) مجهولين..
الأمر بسيط.. وهو:
ليس مطلوب منك أن تكون لا وكالة، ولا ناقل، ولا مصد للأخبار في (وسائل التواصل “التكنلوجي”)، ولن يفقدك ذوو العقول إن توقفت عن (هَوَس) الإرسال، فاكفِ نفسك التبرُّع الذي لا ينتظره العقلاء منك.
نسأل الله تعالى نعمة التقوى والحكمة والعقل الراجح، بمحمَّد وآله الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)..