كنتُ على وشك البدء في الكتابة عن الرسائل العملية للفقهاء المراجع وما يُثار حول صعوبة عباراتها على عامَّة الناس، وفي الأثناء تلقيتُ حلقة اليوم من الحلقات اليومية التي يُرسِلها أخونا الغالي سماحة الشيخ محمود سهلان حول قصص العلماء من أهل هذه الأرض الطيبة، أرضِ بَحرينِ الأصَالَةِ والعَرَاقَةِ، فوجدتني أنصرِفُ عمَّا أنا فيه، وأتوجه للكتابة حول أهمية العودة إلى الذات والانطلاق منها بثبات وانفتاح.
في البِدء مُقدِّمة..
يحتاجُ المُركَّبُ إلى مكوناته حتَّى يتركَّب منها، ولن يكون ذلك بِضَيَاعِ هَويَّةِ مُكَوِّنٍ من المكونات بمحاولته التلبُّس بميزات غيره، وهذا أمرٌ مهِمٌّ ينبغي البناء عليه في عموم تنظيراتنا.
من الأمثلة الجيدة مثال مجالس الشورى التي تتركب من مكونات مختلفة، ينبغي التأكيد دائمًا على استقلالية كلِّ واحدٍ منها؛ حتَّى نخرج في النتائج برؤى منسجمة، وإلَّا فالموضوع غير قابل للتطبيق في هذا المجتمع المركب من هذه المكونات.
ممَّا نعانيه في مجتمعنا الإسلامي التديني تأثر بعض المجتمعات بمجتمعات أخرى، بحيث أن تتراجع ثقافات لتحل محلها ثقافات قد لا تناسب هذا المجتمع المتأثر.
يتأثر العراقيون بالإيرانيين، والبحارنة بالعراقيين، واللبنانيون بالإيرانيين والعراقيين، والحال أنَّنا في حاجة شديدة للإيراني وللعراقي وللبحراني وللقطيفي وللإحسائي وللبناني وللباكستاني وللهندي.. نحتاج لهذه الثقافات بخصائصها لنتمكن من تنويع الممارسة الإسلامية بحسب خصائص المجتمع.
عندما يذهب القطيفي -مثلًا- للدراسة في حوزةٍ من حوزات الإحساء، فينبغي من الحوزة الإحسائية مساعدة هذا الطالب في المحافظة على هويته القطيفية بخصائصها ومميزاتها، فهو في الإحساء للاستفادة من علمائها، وربَّما للابتعاد عن مشاغل البلد في وقت التحصيل، والقطيف تنتظره ليعود مؤسِّسًا ومُصلِحًا وبانيًا لمجتمع القطيف بحسب موازينه، لا بموازين مجتمع الإحساء.
لا علاقة لهذا الأمر بالقوميات وما شابه، ولكنَّه يرجع إلى ضرورة الممارسة البنائية على وفق خصائص المجتمع.
عندما يكون الحديث عن البحرين، فهو حديث عن أرض من أهم خصائِصها ولادةِ علماء مفكرين لهم بروزهم المميز بين أقرانهم، غير أنَّ مجموعة كريهة من الظروف التاريخية تسبَّبت في إبعادنا كبحارنة عن إرثنا العلمي الذي لا أشكُّ طرفة عين في عظمته وتفرُّده.
يُفرِّغُ اليوم سماحة الأخ العزيز الشيخ محمود سهلان ساعة من يومه يقتنص فيها قصَّة يرويها أكابرنا عن عالِم من علماء هذه الأرض الطيبة، فانتعش لهذا الجهد صدري، وراقت لما يقدِّمه قريحتي، فعقدتُ العزم على قراءة اللؤلؤة البحرانية الفاخرة لشيخنا المعظم الشيخ يُوسف البحراني (طاب رمسه)، وفي البال أن أُغيِّ قراءتي لأمر أبينه في قابل الأيام إن شاء الله تعالى..
شيخنا السهلاني.. امض قدمًا، فأنت إن شاء الله تعالى على الطريق الصحيح..
السيد محمَّد علي العلوي
1 من ذي الحجَّة 1438 هجرية
2 تعليقات
هل صحيح أن الشيخ المعظم البحراني لا يرى كروية الأرض؟؟؟
ثانيا :: ما هي الحاجة لمثل هذه القصص حاليا
الأستاذ الفاضل علي الكرزكاني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1/ تطرَّق الشيخ الحدائقي (طاب رمسه) لبحث كروية الأرض في المجلد 13 من الحدائق النضارة في معرض بحث (هل يختلف حكم البلاد المتباعدة في الهلال؟)، وأمَّا إبطاله للقول بكروية الأرض فإبطال في مقام البحث النظري، ولا يخفى عليكم قيام بعض التجمعات العلمية العالمية في عصرنا الحاضر بمعارضة القول بكروية الأرض. وعلى أيَّة حال فبحث الشيخ يوسف البحراني (قُدِّس سِرُّه) بحث يناقش الأدلة النظرية.
2/ ذُكِر في المقال وجه الحاجة لنشر قصص العلماء البحارنة.
تفضلوا بقبول صادق دعائنا، كما نأمل منكم أن لا تنسونا من صالح دعائكم.