هذا سؤالٌ طرحه على صديق له..
فأجاب: هل تسخرُ مِنِّي؟
قال: لا أسخر، بل هو سؤالٌ جادٌّ.
ردَّ عليه: وهل يُختارُ غير الثاني منهما؟ بالطبع أختار ظرفَ الآلاف.
…..
لأنَّها أموال.. لأنَّها دنيا.. لأنَّها من المحسوسات الماديَّة، فبالرغم من فنائها، إلَّا إنَّه يختارها بلا تردُّد..
ولكن..
كيف ننظر لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): “ومن مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكلِّ خطوة سبعون ألف حسنة، ويُرفع له من الدرجات مثل ذلك، فإن مات وهو على ذلك وكَّلَ اللهُ به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره ويُبشِّرونه ويؤنسونه في وحدته، ويستغفرون له حتّى يُبعث”.
وفي رواية أخرى أنَّه جاء نفرٌ من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فسأله أعلمُهم عن مسائل فأجابه (صلى الله عليه وآله)، إلى أن قال: “أمّا الجماعة فإنّ صفوف أمّتي كصفوف الملائكة، والركعة في الجماعة أربع وعشرون ركعة، كلُّ ركعةٍ أحبُّ إلى الله عزَّ وجلَّ من عبادة أربعين سنة، فأمَّا يوم الجمعة فيجمع الله فيه الأوَّلين والآخرين للحساب، فما من مؤمن مشى إلى الجماعة إلَّا خفَّف الله عليه أهوال يوم القيامة، ثمّ يُأمر به إلى الجنّة”.
وفي رواية عجيبة، قال (صلى الله عليه وآله):
“أتاني جبرائيل (عليه السلام) مع سبعين ألف ملك بعد صلاة الظهر و قال يا محمد، إنَّ الله تعالى يُقرئك السلام، وأهدى إليك هديتين لم يُهدهما إلى نبيٍّ قبلك.
قال: يا جبرائيل، وما الهديتان؟
قال: الصلوات الخمس في الجماعة.
قلت يا جبرائيل، وما لأمَّتي في الجماعة؟
قال: يا محمد، إذا كانا اثنين كتب الله تعالى لكلِّ واحد بكلِّ ركعة مائة وخمسين صلاة، وإذا كانوا ثلاثة كتب الله تعالى لكلِّ واحد بكلِّ ركعة مائتي وخمسين صلاة، وإذا كانوا أربعة كتب الله تعالى لكلَّ واحد بكلِّ ركعة ألف ومائتي صلاة، وإذا كانوا خمسة كتب الله تعالى بكلِّ واحد ألفا وثلاثمائة صلاة، وإذا كانوا ستة كتب الله تعالى بكلِّ ركعة ألفين وأربعمائة صلاة، وإذا كانوا سبعة كتب الله تعالى بكلِّ ركعة أربعة آلاف وثمانمائة صلاة، وإذا كانوا ثمانية كتب الله لكلِّ واحد بكلِّ ركعة تسع مائة ألف وستمائة صلاة، وإذا كانوا تسعة كتب الله لكلِّ واحد بكلِّ ركعة تسعة عشر ألف صلاة، وإذا كانوا عشرة كتب الله لكلِّ واحد بكلِّ ركعة سبعين ألفًا وألفين وثمانمائة صلاة، وإذا زاد على العشرة فلو صار بحار الأرض والسماوات كلها مدادًا والأشجار أقلامًا والثقلان والملائكة كُتَّابًا لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة واحدة..
يا محمد، تكبيرة يدركها المؤمن مع الإمام خيرٌ من سبعين حجة وألف عمرة، سوى الفريضة..
يا محمد ركعة يصليها المؤمن مع الإمام خيرٌ له من أن يتصدَّق مائة ألف دينار على المساكين، وسجدة يسجدها مع الإمام خيرٌ له من عبادة سنة، وركعة يركعها المؤمن مع الإمام خيرٌ له من مائتي رقبة يعتقها في سبيل الله.
وليس على من مات على السنة والجماعة عذاب القبر، ولا شدَّة يوم القيامة.
يا محمد، من أحب الجماعة أحبه الله والملائكة أجمعين”.
وليس من رائعةٍ، كرائعة صلاة الفجر في جماعة؛ فهي إضافة سامية لكونها مشهودة (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)..
نحتاج لفهم واستيعاب المعادلة بدقَّة، وهذه من سمات أولئك الذين (يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ).
مساجدنا حانية علينا..
تنتظرنا لتأخذنا بين أذرعها دافئةً رؤوفةً عطوفةً..
فلنعمُرُها (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ).
السيد محمد علي العلوي
23 جمادى الآخرة 1436 هجرية
14 إبريل 2015 ميلادية