أسميتُها (قرآن كربلاء)، ولا زلتُ مُصِرًّا على أنها (قرآن كربلاء)..
ولكنَّني اليوم أقفُ على أبياتِ قصيدَةٍ أخرى لنفس الشاعر صاحب (قرآن كربلاء)، فانكشف لي واقِعٌ إيمانِيٌّ ولائِيٌّ متقدِّمٌ زَيَّنَ حياتَه وخَلَّد ذِكْرَاه بأطيب ما يكون..
أمَّا (قرآن كربلاء)، فهي قصيدة (حرم الحجاج) لِمَنْ لا أشُكُّ في قدسية روحه الطاهرة، الشيخ حسن الدمستاني (قُدِّس سرُّه)، ويقول في مطلعها:
أحرَمَ الحُجَّاجُ عن لذَّاتهم بعضَ الشهور … وأنا المُحْرِمُ عن لذَّاته كُلَّ الدهور
كيفَ لا أُحرِمُ دأبًا ناحِرًا هديَ السُرُور … وأنا في مشعرِ الحُزنِ على رِزءِ الحسين
لا أرى الشيخَ الدمستاني (قُدِّس سرُّه) ناظِمًا للشعر، ولكنَّني أراه وجدانًا حَيًّا متحرِّكًا يظهر في وهّجٍ نوري ترسمه أبياته في قوالب شعرية خَلَدَتْ فخَلَّدتْ..
فلنترك (حرم الحجَّاج) في جّنَّتِهَا تتقلب في نعيم رحمة الله تعالى، وتعالوا لقصيدة دمستانية أخرى عنوانها (هذي الطفوف وتلك شمُّ قبابها)..
لا أدري كيف كتب شاعِرُنَا الشيخ الأنور الدمستاني هذين البيتين؟؟!!
أبوحي أم عن إلهام؟؟
بالله أخبرني كيف سال يراعُك روحًا أحيا قراطيس لن تبلى..
أخبرني أيها الدمستاني المُعَظَّم كيف كان حالُكَ وأنت تتنفَّسُ الحُسينَ (عليه السلام) كربلاءَ مُقَدّسة بدمه؟
يقول سيدي الشيخ الدمستاني في رائعة من روائع الدهر:
واعدِلْ بِقصدِكَ لا تمرَّ ببقعةٍ … ذَبَحَ الحُسينَ بها دَعيُّ ضِبابِها
إنِّي أخافُ عليكَ أن تمرر بها … أن لا تُوفِّيها حُقُوقُ مُصابِها
يتحدث عن المنحر..
عن البقعة التي نُحِرَ فيها الحسين (عليه السلام)، ويطلب من الزائر أن لا يمر بها!!
لماذا؟
يقول الشيخ الدمستاني (قُدِّس سِرُّه) إنَّ لهذه البقعة حقوق يُخشى على الزائر أن لا يوفيها، ولن يفي حقَّها؛ فهي البقعة التي زلزلت العرش وأرعدتْ إلى يوم الساعة لما صُنِعَ على وجهها ملائِكةُ السماء..
ثم يقول (قَدَّس الله روحه):
ما أسرفتْ نفسٌ تسيلُ ببقعةٍ … سالتْ دِماءُ السبط فوق تُرابِها
وكأنَّه أراد أن يقول، بأنك حتى لو أردتْ الوفاء بحقوق تلك البقعة، فإنَّ نفسك ولصدق ولائها لن تبقى حارسة لبدنك من الموت؛ وأقل ما يمكنها أنها تسيل حزنًا وروعًا على المذبوح عطشانًا..
من أصعب الحالات التي يمُرُّ بها القلم، حالة العجز عن التعبير.. ومن أين لقلمي الصغير أن يصف جهبَذًا نوريًّا امتزج وجدانه بكربلاء الحسين فكانت الدموع القانية وردًا لا زالتْ قوافيه تنثره عن أبياتها الخالدة؟
ليس الدمستانيُّ شاعِرًا، لا ولا هو شِعر..
إنَّه الولاء الصادق الصافي النقي تجلى في شعره، وإنَّي واللهِ –بكسر الهاء- أكتب هذه السطور الضعيفة لا لشيء غير التقرب بها إلى الله تعالى باتصال أرجوه عبر روح الشيخ حسن الدمستاني (قُدِس سرُّه)، فأنا لا أشك لحظةً بأنَّه على أجنحة الرحمة الإلهية تحمله عملًا زاكيًا لمن أحبَّ من أنوار العترة الطاهرة..
تقبلها إلهي مني، ولا تردني خائبًا بحق منحر الحسين (عليه السلام) الذي يخاف الشيخ الدمستاني علينا عدم الوفاء بحقوقه..
السيد محمد علي العلوي
7 صفر 1436 هجرية
30 نوفمبر 2014 ميلادية
2 تعليقات
بلا ادنى شك ان هذه الكلمات بما تحمله من معاني عظيمة هي ليست كلمات بشرية إن هي الا كلمات روح القدس جرت على مداد الشيخ الدمستاني قدس الله سره
بارك الله فيكم
عظَّم الله أجوركم ورزقكم في الدنيا زيارة الأطهار (عليهم السلام)، وفي الآخرة شفاعتهم