بالأمس قرأ أحد الدينماركيين رسولنا الأكرم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) من خلال شريحة من المسلمين لا يرون من العبادات غير الجهاد بمقاس عقولهم المريضة التي لا تقدم خيارًا على خيار التفجير وقطع الرؤوس وترويع الناس نساءً وأطفالًا ورجالًا، ومن خلال شريحة أخرى لم تعرف من الإسلام غير النكاح والمتعة الجنسية، وبما قرأ رسمَ رسومات يصور فيها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بما شهده العالم حينذاك، فخرج المسلمون في مظاهرات ومسيرات (تنفيسية) ورفعوا شعارات المقاطعة (التنفيهية) ثم اختلقوا أكاذيب حول موت ذلك الرسام محترقًا، والحال أنه لم يمت ولم يحترق.. ولكنه ربما أصيب بزكام سببه كثر ضحكه على جعجعات هنا وقعقعات هناك..
وانتهى المشهد مخلفًا ملصقات رسمُها (إلا رسول الله)..!!!
اليوم يظهر معتوه أمريكي غبي في وسط مجموعة من جنسه ونوعه وفصله ليهرج على نفسه مستخدمًا اسم علم من أعلامنا هو آية الله العظمى الإمام السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف)، أما موضوع الغباء والاستغباء فهو الفهم البهيمي من الأمريكي المعتوه لكراهة اتيان (الزوجة) من الدبر والحاجة لموافقتها، وحرمة مصافحة المرأة (الأجنبية)، فهذا الأمريكي الغبي يستنكر مهرجًا على الإسلام من نافذة السيد السيستاني (دام ظله) حرمة مصافحة المرأة في الوقت الذي يجيز فيه الشرع وطئها دبرًا[1]، والحق واقعًا معه؛ فالأمريكان لا يفرقون بين أن تكون المرأة زوجة، وبين أن تكون أجنبية حيث إن الحابل عندهم قد اختلط بالنابل بعد أن أجاز شرعهم الحيواني نكاح الصديق زوجة صديقه إذ أنها حرة في فرجها وكلما كان زوجها متحضرًا ومتفهمًا كلما كان أكثر مرونة في استضافة صديقه على فراش نومه..!!
لقد مارس هذا الخنزير الأمريكي قبحه لسببين، الأول أنه آمن العقاب، والثاني أنه لا يخاف عقاب المسلمين أصلًا، وبين هذين السببين هو لا يخاف على قيمة قد يفقدها هنا أو هناك؛ لأنه وبكل بساطة لا يملك قيمًا أصلًا بعد أن حولته الرأسمالية إلى آلة لتفريخ دولارات تستهلكه في العمل والجنس والخمر..
لا يهمني ما قاله الأمريكي ولا يهمني ما فعل الدينماركي قبله، فهؤلاء أضل من الأنعام بكثير، ولكن الذي فجر غيرتي هو اتخاذنا إياهم أربابًا في كل شيء، فطريقة لبسنا من عندهم، وطريقة أكلنا من عندهم، وطريقة تصفيف شعورنا من عندهم، وموديلات بدلات مدراء وزاراتنا ومؤسساتنا من عندهم.. قواعدنا السياسية من عندهم، واقتصادياتنا من عندهم..
إننا اليوم غربان نسيت كل شيء إلا بانطلون الأمريكي وقصة شعر الفرنسي وبيتزا الإيطالي وموديل سيارة الألماني، ولذلك نحن لا نتمكن من مجرد التفكير في ضرب أي أشقر على وجه الأرض ضربًا في المفهوم والمعنى، أتدرون لماذا؟
لأننا في داخلنا.. لا شيء، ولذلك تجدنا نفرغ هذا الشعور المتعاظم بالنقص في اختلاق الفتن والنزاعات والانشقاقات في داخل صفوفنا، وإذا سدت الأبواب صنعناها حتى بين الواحد ونصفه..!!
سجل بعض (الكبار “حفظهم الله والصغار أيضًا”) موقفًا مؤيدًا من الانتخابات البرلمانية في البحرين (2010) عندما صرحوا بأنها من مظان التقرب من الله تعالى، وأنها وظيفة شرعية، لا بأس بذلك، ولكن ألسنا في حاجة اليوم لخطاب حماسي يجعل من مقاطعة الثقافة الأمريكية وما تتصل به محلًا واضحًا للقرب من الله تعالى وغفران الذنوب؟
أوليس في رجوعنا إلى ثقافاتنا الأصيلة ضربة في عنق الشيطان، وبالتالي تقرب من الله تعالى؟
لا يأتي هنا من يقول بأن الأجهزة الكهربائية والالكترونية هي أيضًا من ثقافة الغرب وأمريكا فينبغي لنا مقاطعتها، لأنني وبكل بساطة لن أسمح بتمرير هذه السخافات على أصل الفكرة المطروحة، فليكن السلاح الذي أضرب به العدو من صنعه، فاليد التي تحركه ثقافتها محمدية علوية إن شاء الله، أما لبس ما يلبس وأكل ما يأكل والمشي بما يمشي به فهو ضرب للثقافة الإسلامية وانتصار للعداء المستحكم في قلوب أولئك الخنازير.
إن الذي فعله هذا الغبي الأمريكي من الممكن أن يكون الضارة النافعة والمكروه الذي هو في واقعه خير لنا، وكل ذلك رهين اكتشاف الخلايا الفكرية التي لا تزال حية في داخلنا، وهذا يحتاج إلى جهد كبير منا، فالخلايا الحية قليلة جدًا، بعد أن أفرغنا الطاغوت من كل جميل، بل وحول الجميل في ممارساتنا إلى خواء ليس له غير الخوار، فالصورة العامة لمجتمعتنا اليوم تحكي مسخًا مشوهًا للمسخ الأمريكي الشيطاني الأكبر، ولكن كل هذه السوداوية قد تتحول في منعطف جاد إلى نور إيماني يعانق العرش بمجرد أن نقرر الانتفاض على ذواتنا والتحرك الرسالي الصادق في اتجاه صناعة طريق جديد لا يكون فيه محلٌ لغير الثقلين وما يوافقهما، أما المعارض لشيء منهما فلا مكان له في ثقافتنا الإيمانية العالية.
كان السيد السيستاني (دام ظله العالي) هو العنوان على مائدتهم النتنة، فإن لم يكن منا ذلك الموقف المحمدي العلوي الزهرائي الحسني الحسيني الحاسم والصارم، فالغد ينذر بفض بكارة كل شيء، وحينها لن ينفع الصوت، ولن يتبدل سوء الحال إلا بقوم أولي بأس يأتي بهم الله تعالى ليرثوا الأرض ونكون نحن ممن تلعن أسماؤهم في التاريخ أرضًا وسماءً..
إنها فرصة ينبغي لأولي (الكلمة) ان يستثمروها وإلا فعذابهم في الغد القريب سوف يكون أشد من عذاب.. لا أدري من..!!
اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد.
السيد محمد علي العلوي
27 محرم 1432 هجرية
2 يناير 2011
[1] التسجيل المرئي للمقطع http://www.youtube.com/watch?v=T-zDjIECnsU&feature=related