نستغرب كثيرًا عندما نرى تلك الأقلام والألسن التي لم نألفها وهي تكذب وتزور وتمارس الفتنة والأز بما يجعل الإنسان.. أقول (الإنسان) يفتح عينيه متعجبًا لا يكاد يفقه شيئًا من هذه الظواهر الغريبة، ثم يزداد تعجبه ويتعاظم استغرابه عندما يتتبع المواعظ وهي تتراجع مكسورة بعد فشلها في تقديم بعض (الإنسانية) لأولئك المسوخ!
ينبغي لنا أن نفهم جيدًا بأن أمثال هؤلاء قد بُرْمِجَتْ عقولهم بدقة احترافية عالية على عدم الإحساس أو الشعور أصلًا، وذلك قبل تكليفهم بالتقيح المستمر لأمراضهم النفسية القبيحة، وهذه البرمجة تعد من أهم وأخطر الوسائل المعتمدة عند الكثير من التنظيمات السياسية حاكمةً كانت أو محكومة، وقد بُسِطت الأرضُ للمبرمِجين والمبرمَجين مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي من جهة وضعف قدرة الناس على مقاومة استفزازاتهم المقصودة من جهة أخرى..
مَشْهَدٌ:
- تُعطى لإحدى الشخصيات التابعة للتنظيم شهادة دكتوراة فخرية أو ما يشبهها من جهة ما.
- تبدأ فرقة متخصصة من نفس التنظيمات بصناعة حدث تاريخي بمناسبة حصول شخصيتها على تلك الشهادة (الفخر).
الآن:
إن كانت تلك الشخصية تستحق الشهادة فالحمد لله، ومن الجيد لو أن يتقدم الجمهور للتبريك.
وإن لم تكن مستحقة، ففي ماذا يعنيني الأمر أصلًا؟ فليخلقوا لأنفسهم حدثًا وليوزعوا الحلويات وليقيموا الاحتفالات والندوات احتفاءً بذلك الإنجاز (العظيم).. هذا في نهاية المطاف شأنهم ومستوى فهمهم، ولكن مالي أنا وما يصنعون؟
لماذا (أنكت) واتضاحك، وتارة أُسْتَفَزُ ويضيق صدري؟
تعالوا إلى آية قرآنية رائعة من روائعه الخالدة.. يقول ربنا وخالقنا تبارك ذكره (قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ)، وفي رائعة أخرى يقول جلَّ شأنه (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا).
إنه نعم، فقد يكون من المهم بل والمهم جدًا أن نقرأ ونسمع لبعضهم، ولكن أن ننشغل بقذاراتهم فهذا هو المطلوب لهم واقعًا، وبمجرد أدنى تفاعل ممن يفترض منهم العقل ففي ذلك نوالهم.
ثم إنه نعم، فالإنسان.. أقول (الإنسان) يتألم للجماهير التابعة لمثل هذه الظواهر السخيفة؛ إذ أنها قد سلمت نفسها لمشاريع عريضة من التعمية والتجهيل حتى باتت عاشقة لمن يستخف بعقلها ويسخف وعيها، ولكن الأمر وفي نهاية المطاف (أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ).
والمؤلم أيضًا أن مثل هذه الظواهر الدونية قد انتقلت للأفراد، فأصبحنا نجد واحدًا هنا وآخر هناك وكل منهما ينقل مرضه لآخرين، وتشكلت تجمعات شغلها الشاغل إثارة الفتن واستفزاز الناس مع المحافظة على (اللا إحساس واللا شعور) حتى يتمكنوا من إتقان السباحة في آسن المياه..
نصيحتي لكل عاقل من بني (الإنسان)..
لا تنشغل بغير المهم..
اترك عنك فلان قال وفلان فعل، وركز على مشاريعك (الإنسانية) الصادقة..
لا تنزل إلى مستوى تفاهات البعض الذين ما كانت منهم إلا لإشغالك عن المهم..
احذر من الرد ورد الرد، وصدقني أن 99% مما يقال، لا يستحق منك الرد..
اعلم أنها لعبة قذرة، وكن مترفعًا عنها..
تذكر دائمًا قول أمير المؤمنين (عليه السلام): “أيها الناس، اعلموا أنه ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه، ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه. الناس أبناء ما يحسنون، وقدر كل أمرء ما يحسن، فتكلموا في العلم تبين أقداركم”.
السيد محمد علي العلوي
24 جمادى الأولى 1435 هجرية
26 مارس 2014 ميلادية