عن أي طريق، وبأي كيفية نتلقى العباس بن علي (عليه السلام)؟
ماهو العباس في نظرنا؟ من هو العباس؟ كيف عرفنا العباس؟
العباس عندنا: (سبع القنطرة.. كبش الكتيبة.. ليث الحريبة.. صاحب الغيرة.. كافل زينب..)
العباس في عمقنا: (مثل الزلازل منحدر تسمع رعيده .. يتبختر مكيف ملاقي الموت عيده)
لا نشك في أن هذا قليلٌ عندما نصف العباس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فالكلام ليس في حقيقة الشجاعة العباسية، ولا في واقعية غيرة أبي الفضل (عليه السلام)، ولكنه في الرسائل الثقافية التي يتلقاها الناس من على المنبر وفي القصائد الرثائية والتي ما إن يتحرك الإنسان بدفع منها إلى الواقع حتى يصطدم إصتدامات شديدة بأن الواقع اليوم ليس كما كان في زمن السيف وقوة العضلات وشجاعة الفرسان، وإن كانت الشجاعة والبطولة والفروسية مطلوبة دائمًا إلا أنها اليوم متأخرة على سلاح (الغاز المسيل للدموع) فضلًا عن الرصاصة والقنبلة والصاروخ والاستهداف من الطائرات المحلقة عاليًا فوق الرؤوس..!
يخرج الشاب بشعلة عباسية تدفعه بقوة للبذل والتضحية ولكنه في الواقع لم يُكَمَّل العباس في داخله؛ فلو كان العباس بيننا اليوم، وبمقتضى العقل والمنطق لكان إمامًا شاملًا بعقلية إقتصادية عسكرية تربوية إجتماعية يكرر بها حقيقة البطولة وواقعية الإقدام والشجاعة.
نمتلك طاقات هائلة على المستويين الثقافي والبشري، فعلى المستوى الثقافي لا أعرف أمةً تزخر بهذا الكم الكبير من الشعائر المستمرة خصوصًا في شهري المحرم وصفر حيث الإعداد الروحي والنفسي يظهر بوضوح في مواكب مثل المشق والقامات والسلاسل وما نحو ذلك، وأما على المستوى البشري فالواقع مشهود بهذه الملايين التي تحيي شعائر أهل البيت (عليهم السلام)، غير أن الحقيقة العلمية تسجل تصادمًا كبيرًا بين نوعية الشحن المعنوي في مواسم الإحياء وبين الواقع الذي غادر عناوين السيف والرمح ومواجهة الرجل لرجل إلى عناوين التكنلوجيا وتقنيات الحرب المتقدمة جدًا، وكثيرٌ منا تابع تلفزيونيًا طائرات الجيش العراقي وهي تصطاد مقاتلي داعش في الأنبار!
نحتاج جدًا إلى استحضار عظمة أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) القادرة على صناعة واقع متألق في كل زمان ومكان، وألا نجمد على ما كان موافقًا لزمان ومكان قد تصرّما ولكنه لم يعد كذلك اليوم..
بالله عليكم متى كان (صويلح) و(مسفر) و(خان) و(جودت) مؤهلين للوقوف في وجه العباس والأكبر (عليهما السلام)؟.. القضية كل القضية أن هؤلاء قد حملوا ثقافات شمر وبن سعد وبن زياد وحرملة وجعلوا الرصاصة في أياديها، ولكن بعضنا جاؤوا بالعباس والأكبر وحبيب والقاسم قصائد وألحان مزقتها رصاصات الجبناء.
السيد محمد علي العلوي
28 ربيع الأول 1435 هجرية
30 يناير 2014 ميلادية