عن عبد الله بن عمر أنه كان بماء له، فبلغه أن الحسين (عليه السلام) قد توجه إلى العراق، فجاء إليه وأشار عليه بالطاعة والانقياد وحذره من مشاققة أهل العناد، فقال له الحسين (عليه السلام):
“يا عبد الله، أما علمت أن من هوان الدنيا على الله أن رأس يحيى بن زكريا (عليه السلام) أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل؟ أما تعلم أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيًا ثم يبيعون ويشترون كأن لم يصنعوا شيئًا؟”
الشاهد في ذيلها “ثم يبيعون ويشترون كأن لم يصنعوا شيئًا”!!
ومثل ذلك البهيمة المتوحشة ينبت لحمها من أكل لحم غيرها، وهي في بهيميتها هائمة، تنام وتستيقظ ثم تعاشر لتتكاثر، ولا تعرف غير البطش والتمزيق، ولا حياء يتملكها وهي مكشوفة العورتين تتغوط أينمها تدافع ما في أمعائها وتتبول متى ما ضاق الحال بمثائنها!
أتستغرب أيها الإنسان صدام التكريتي وأمثاله يقطعون ألسنة الناس ويبينون عن سواعدهم أكفها ويفعلون بهم الأفاعيل ثم أنهم يستفتحون خطبهم بآيات من القرآن الكريم مطعمينها بأحاديث عن النبي العظيم (صلى الله عليه وآله)؟
أهو عجيب عندك أن يتشهد نَفْسُ صدام التكريتي بالشهادتين قبيل إعدامه؟
أولم يكن مجرمو بني أمية يحفظون القرآن الكريم؟ أوليس أصحاب نكاح الجهاد يتطلعون للحور العين وهم يذبحون الأطفال والأبرياء؟
هكذا هو بني آدم إذا مُسِخَ وانسلخ من إنسانيته لتصبح مجرد أكذوبة يمشي بها بين الناس بوقاحة وانغماس في القذارة والنجاسة..
هذا النوع من بني البشر لا فائدة من الكلام معه ولا محاورته، فهو غير قابل لمثل هذه الإنسانيات أصلًا، ولذلك فإن هذه السطور للإنسان أكتبها..
لا تضجر أيها الإنسان ولا يدخل قلبك حزن أو ضيق، فحال الدنيا هكذا، وهو على أية حال ميزانها، فكلما وجدت من هذا النوع بشرًا، احمد الله واسجد له شكرًا، وقلها بنفس مطمئنة (الحمد لله الذي عافانا من كثير مما ابتلى به الناس)..
وتذكر أيها الإنسان قول الحق تبارك وتعالى (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)، ثم فلتجد السكينة طريقها إلى قلبك بقوله جلَّ في علاه (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا).
وكلمة أخيرة إلى المؤمنين: كلما رأيتم الظالمين يفسدون في الأرض ويسعون بالطبول والمزامير اعلموا أنهم على طريق واحد لا شريك له، هو طريق (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ * مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ * أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
السيد محمد علي العلوي
13 صفر 1435 هجرية
17 ديسمبر 2013 ميلادية