قالها الله سبحانه وتعالى في دستور الحياة الخالد موجهاً خطابه لرسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله) وكل من أراد السير على خطاه متأسياً بسيرته المباركة الطاهرة..
قال سبحانه: (فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ * وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ).
لاشك في أن للشيطان ألوان من التحركات التي ربما لا نحتمل وقوعها، فهو متفرغ لاصطياد صغائر الزلات ليحولها بمكره وحيله إلى نكبات ترجع على من تلم به أسفاً إن لم يكن في هذه الدنيا فهو مما يقطع به في الآخرة، ومن هذه الألوان أن ينشغل الفلاح –مثلاً- بزراعة الإسفلت!
أو أن يستهلك البناء وقته وطاقته في إقامة بناء اسمنتي على الماء!
ومثل ذلك أن يفرغ مثل الشيخ المفيد (قدس سره) نفسه لهداية من هو على شاكلة يزيد بن معاوية (عليهما لعنة الله) والحال أنه (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ)..
إننا –أيها الأحبة- في سباق ينبغي لنا فيه مصارعة الزمن في طريق التمهيد لإقامة المشروع الإلهي الأعظم، وهو مشروع دولة صاحب الأمر (أرواحنا فداه)، (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)، وفي هذه الدولة يُتم الله تعالى نوره الذي أفنى ويفني المجرمون اعمارهم في محاولة إطفاءه والنيل من المستنيرين به، ومن محاولاتهم إشغال الساحة المهدوية بأشد الناس محاربة للقيم والمبادئ التدينية الذين يتنكرون في وجودهم الخارجي بلباس الولاء والحب لأهل البيت (عليهم الصلاة والسلام)، والواقع أنهم (وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ).
إن مثل هؤلاء لا ينبغي الالتفات لهم خصوصاً ونحن نعيش هذا الصراع الشرس مع قوى العداء المتنمرة لضرب التدين في مقاتل، لأنهم وبكل بساطة يُحركون من جهات متخفية يقودها ذاك الذي صرح بما يحكي عنه الكتاب العزيز (لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً)، و (لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ)، و (ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ).
إن العمل في مساحات يرتجى فيها رضا المولى تبارك ذكره وتوفيقه هو ما ينبغي للمؤمنين بذل الجهد فيه، بل واستفراغه حتى تأتي ثمرة التأسيس لقاعدة الضغط الإيمانية فيكون الانطلاق الحقيقي نحو أفق الخير الأتم في دولة الحق العظمى تحت راية صاحبها المظفر (عجل اللهم فرجه الشريف)، وكل هذا يعني تشغيل أجهزة الإرسال القرآنية والعتروية كما يريد لها المولى جلَّ شأنه، وبالتالي فالباقي هو التوفر على أجهزة استقبال تفهم معنى أن يكون الإنسان في ضمن ذلك المشروع المهدوي إما في جانب الأنصار، وإلا والعياذ بالله ففي مستنقعات الأعداء الذين سوف يعمل في رقابهم بتار الساعد الهاشمي المطهر.
ليس من وقت عندنا إلا للاستثمار في قلوب أرادت الحياة الإيمانية، وليكن تجاوز الحسرات بقوله تعالى (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً * إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً).
السيد محمد علي العلوي
30 ربيع الثاني 1431هـ
15 إبريل 2014