كان موضوع الإثارة ليوم أمس ميل الأطفال عمومًا للرسم والتلوين، ومما لاحظته أنهم يعتمدون في تعابيرهم على ما وراء العين الباصرة، فهم في الواقع يظهرون ما في دواخلهم، ولا ينخدعون -غالبًا- بما تمرره لهم جارحة البصر!!
لا يهتم الطفل كثيرًا بظاهر النخلة، ولكن الذي يهمه فعلًا هو أن يرسم شيئًا طويلًا وإن كان مجرد خط..
لا يهتم الطفل كثيرًا بأمه أو أبيه بما تظهرهما له العين، ولكنه يعتمد فهمه لهما، فهو قد يرسم وجهًا يغلب عليه الفم، أو جهًا كله عين، وربما كان بلا ملامح، وهذه كلها بالنسبة له حقائق يفهمها ويتخذ الرسم طريقًا للتعبير عنها..
إنه يعيش وجدانه الخاص دون اكتراث بأي رقابة محتملة..
طفل لا تستهويه آلاف الدفاتر، ولكنه ينجذب فقط وفقط للجدار، فهو يبحث عن مساحة حرة وإن التزم زاوية منها..
آخر لا تهمه المساحة، فقصاصة صغيرة تكفيه لإبراز فكرة لن يهدأ حتى يظهرها ولو للهواء!!
ثالث يصر على زاوية من الورقة.. إنه يهرب من المساحات الرحبة، ويلجأ إلى زوايا ضيقة يهمس فيها بما في داخله..
تعالوا لنفهم أطفالنا، ففي فهنا لهم فهم لواقع الكبار..
الطفل -أيها الأكارم- ظاهرة علمية خصبة جدًّا، ومن العيب الإصرار على دفنها في ظواهر جهلنا..
محمد علي العلوي
٢٢ رجب ١٤٣٥ هجرية