إثارة في العقيدة/ ٣:
* قلنا يوم أمس أن مبدأ الخلق لايمكن إلا أن يكون الموجود المطلق، أي أنه مستغنٍ تمامًا عن ما سواه، فلا يحتاج لعلة ولا يكون علة لوجد نفسه، أما الأول فللزوم التسلسل، وأما الثاني فللزوم الدور، وكلاهما باطل.
* وبالبناء على هذا الأصل يتفرع أصل آخر، هو:
– الموجود إن كان ماديًا كالأعيان أو معنويًا كالمفاهيم والأفكار فإنها لا توجد إلا في مكان، فالأعيان توجد في ظرف المكان الخارجي، وأما المفاهيم والأفكار فتوجد في ظرف الذهن، ولا شك في أن الظرف متقدم على المظروف وجودًا، وبالتالي:
إن قلنا بأن مبدأ الخلق موجود في مكان فهو ليس بمبدأ؛ حيث إن المكان على اعتباره ظرف فهو سابق، وعليه لا يكون المبدأ مبدأ، ولا يكون مطلقًا كما يفيد الأصل الأول، والنتيجة:
* لا يمكن أن يكون المبدأ المطلق مظروفًا، بل الواضح أن الظرف مكانًا كان أو زمانًا فهو مخلوق، وخلاصة ذلك أن المبدأ المطلق قبل الزمان والمكان مطلقًا.
وهنا نكتة غاية في الأهمية تشكل لنا أصلًا ثالثًا نفكر فيه حتى لقاء الغد إن شاء الله تعالى..
وتذكر دائمًا وأبدًا..
* أصل الأصول مطلقًا:
احذر تمامًا الانتقاص من عقلك وفهمك وقدرتك على الهضم والاستيعاب، وكن على ثقة تامة من أن ما نقوله هنا لا يحتاج منك أكثر من التركيز والتتبع والسؤال، فهو سهل لا صعوبة فيه، وإن بدا صعبًا فلبعدنا كمجتمع عن معارف كان من المفترض أن نكون في عمقها.
شمر سواعد الجد وثق في ما منحك الله تعالى من قدرات هائلة على الفهم والمعرفة.
محمد علي العلوي
٦ جمادى الآخرة ١٤٣٥ هجرية