قصدوا المقبرة بعد رصدهم لمجموعة من الشواهد الرخامية كتبت عليها أسماء الموتى وتواريخ الوفاة وطَلبُ قراءة الفاتحة ووضعت على بعض القبور..
قال: “وقد انتشرت هذه الطامة وهذه البدعة..” (يقصد الشواهد)، ثم أمر من معه أن يقتلعها ويكسرها، ومنطلقه في عمله أن الرسول (صلى الله عليه وآله) قد نهى عن إهدار المال.. وهذه الشواهد إهدار للمال..
وربما عدَّها أصنامًا فذهب في خيار الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) عندما كَسَّرَ الأصنام!!
لن أناقش مشروعية الشواهد من عدمها، ولكنني آخذ القارئ الكريم إلى مساحة أبعد..
سيدي الكريم..
لو كان هذا الشخص ومن معه قادةً للعلم (طب.. تكنلوجيا.. فلسفة.. عمران.. استراتيجيات..)، فهل نتوقع منهم مثل هذه الأفعال التي يعدونها جهادًا؟!
في تصوري أن القضية لا علاقة لها بحديث روي عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، ولا صلة لها لا بحلال ولا بحرام، وإلا فالظلم والجور والمخدرات والزنا واللواط والسرقة والإسراف والتبذير، بل والإلحاد وغير ذلك من الموبقات تملأ بلادكم وأنتم على علم بها ولكنكم تشرعنون بعضها وتغمضون العين عن بعض..
القضية -كما أراها- فراغ فكري كبير جدًا يعانيه هؤلاء وغيرهم ممن يختزلون الدين في مفردة ينشغلون بها ليل نهار ليوهمون أنفسهم بأنهم على جادة الجهاد والصبر على (الكفريات)!!
إنهم ليسوا من القشريين، بل هم من الصنميين المتصنمين بشكل غريب على عناوين لا يفهمونها بل ويرفضون فهمها؛ والسبب حالة من الخواء الفكري القاتل من جهة، ومن جهة أخرى حشو بثقافات يصعب علي وصفها دون الإساءة لحملتها!!
الدين علم.. الدين معرفة.. الدين فلسفة وفلسفات.. الدين تقدم وريادة وطموح ورقي.. الدين حياة..
وهذا الآدمي يكسر رخامة لأنها هدر للمال، ثم يذبح بعيرًا لضيفه كرمًا و(عروبة)!!
* فيديو (جهاد) الرخامة:
محمد علي العلوي
١٧ رجب ١٤٣٥ هجرية