التفقه في الدين أمرٌ مهمٌ جدًا لكلّ إنسانٍ، فهو الشيء الذي يزرع الراحة في قلبه.
ولكن، كيف؟
عندما يُقالُ للوالدين: إنَّ ابنكما الآن مُمَيّز، ويمكنكما تعليمه كيفية الصلاة والوضوء والتيمم وغيرها من أحكام المسائل الشرعية. ففي الغالب يجيبان بجواب واحد يدور في معنى: (لا تعقّد الولد من صغره.. توها الناس عليه)!!
نعم هذه العبارة نجدها كثيرًا عند الآباء والأمها، فهل هي عبارة صحيحة؟
نحتاج جميعنا إلى قاعدة صحيحة نرجع إليها فتعصمنا في الخطأ، ولن نجد قاعدة مثل أهل البيت عليهم السلام، وفي هذا الموضوع قال الإمام الباقر عليه السلام: “… حتَّى يتّم له سبع سنين قيل له اغسل وجهك وكفّيك فاذا غسلهما قيل له صلِّ، ثم يترك حتَّى يتم له تسع سنين فاذا تمّت له تسع سنين علّم الوضوء”.
إن لترك الأولاد الصغار دون تعليمهم الأحكام الشرعية المناسبة لأعمارهم خطورة كبيرة، فعندما تمرُّ السنوات على الصغار حتَّى يكبروا ثُمَّ يكتشفون خطأ ما كانوا عليه في وضوء أو صلاة وأنَّ عليهم الإعادة قضاءً، فهذا يصعب عليهم حينها وتخترب الكثير من موازين حياتهم، وكما تعرف أيّها القارئ الكريم أنّهُ إذا بَطُلَ الغُسل أو الوضوء لم تتحقق الطهارة، لأنه كما يذكر فقهاؤنا أنّ الطهارةَ شرطٌ واقعي بحيث أنه إذا أخطأ الإنسان عمدًا أو سهوًا أو جهلًا فالحكم واحد!
وإذا لم تتحقق الطهارة لم يتحقق العمل الذي يُشترطُ فيه الطهارة كالصلاة والطواف وغيرهما، وبالتالي يجب إعادة العمل المشروط بسبب فقدان الشرط ..
الخطورة أيها الأعزاء تكمن عندما يصل ابنكم أو تصل ابنتكم إلى سنّ الثلاثين أو الأربعين أو الخمسين تحصل حالة نفسية مريضة ملؤها الحزن والتعب والألم لأنه لم يأتِ بالعمل بشكله الصحيح ويعلم أنه الآن مشغول الذمة أمام الله سبحانه وتعالى ويحتاج الآن إلى إفراغها بقضائها، وكلما كانت السنوات أكثر كان الحزن والألم أكبر.
هنا سيبدأ بلوم والديه لأنهما لم يهتمّا بتعليمه عند صغره!
أمّا لو كانا قد اهتمّا بتعليمه منذ الصغر فصارَ مستعدًا لتكاليفه عند بلوغه وأدّاها بشكلها الصحيح فإنه يشعر بسعادة تغمره في كبره، وخصوصًا إذا رأى أقرانه من المخطئين في أعمالهم لعبادية وهم في حيرة يتثاقلون عن قضاء ما فاتهم.
وحتى يكون تعليم الوالدين لأولادهما تعليما صحيحا، فعليهم أولا أن يتفقهوا في الدين، فإذا لم يكونا عالمين كانا فاقدين للشيء، وفاقد الشيء لا يّعطيه، لذا فالعلم مهمٌ لكل فرد لأنه في يوم سوف يتحمل مسؤولية أسرة يحاسب على تقصيره تجاهها، وقد قال الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، والتكاليف الشرعية هي من أهمّ الأمور التي هو مسؤولٌ عنها.
ينبغي علينا جميعا الاهتمام بالتوسل لله بأهل البيت (ع) وأن نطلب التوفيق للتفقه في الدين، ولا عذرَ لأحد اليوم فالوسائل كثيرة إمّا عن طريق العلماء أو عن طريق الانترنت مثل أن تسمع دروس صوتية أو مقاطع ڤيديو أو عن طريق قراءة الرسائل العملية للفقهاء وغير ذلك، فلا نتركنَّ أنفسنا ليوم يقال لنا فيه: (وهلّا تعلّمْت؟!).
ولكلِّ الآباء والأمهات أقول: كُونوا عونًا لأولادكم بيكونوا عونا لكم في كبركم وبعد مماتكم.
والحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على محمّدٍ وآله الطاهرين.
علي منصور الحايكي
٥ من شهر رمضان ١٤٣٨