لستُ بصدد مناقشة تعدُّد الزوجات من الوجهة الشرعية، فالمسألة محسومة شرعًا، وليس من أحد يتمكَّن من مناقشة التعدُّد من هذه الجهة، ولكنَّني أبحثُ الأمر من جهة مقاومة المجتمعات له مقاومة رفضٍ وإعابة!
بشكل عام غالب فإنَّ المتدينة ترفض تعدُّد الزوجات، وترفضه غير المتدينة، وكذا غير المسلمة، وغير الكتابية، ولكنَّه معتاد في المجتمعات التي تُنعت اليوم بالتخلُّف، كمجتمع القرية والبادية، والمجتمعات التي لم تنفتح على المدنية بالقدر الذي يغير فيها منظومتها الثقافية.
يقولون: المرأة في القرية (مغلوب على أمرها)، فزوجها يتزوج الثانية والثالثة والرابعة، وهي مكسورة الخاطر لا تتمكن من مجرَّد المطالبة بحقِّها في رفض هذه الظاهرة.
ولذا، فإنَّ الفتاة القروية عندَّما تواصل دراستها وتتخرَّج من الجامعة، فإنَّها تكون (أقوى) في رفض ما لا تريد، وهكذا هي كلَّما ازدادت علمًا في المؤسسات الأكاديمية كالجامعات والمعاهد وما شابه.
وقد “أكدت نبيلة حافظ، الكاتبة الصحفية، أن موضوع تعدد الزوجات في منتهى البساطة، ويكون أبسط مما يمكن في القرى والنجوع والصعيد، وهو بالنسبة لأهالي تلك المناطق “حاجة عادية جدًا”، وهم اعتادوا على ذلك، موضحة أن التعدد تظهر مشكلاته العديدة في المدن.
وأضافت، خلال لقائها مع الإعلامي عمرو الليثي، ببرنامج “بوضوح” المذاع على فضائية “الحياة”، أن البساطة في الريف تجعل من السهل التعايش بين الزوجتين وتقبل كلتاهما للأخرى، متابعة أن ثقافة المجتمع الريفي تتقبل التعدد على عكس ثقافة المدن.“. (http://www.elfagr.org/2048871).
هل أنَّ التعدُّد في الزوجات هو في واقعه حالة من الاستغلال لجهل المرأة، وبالتالي فإنَّ وعيها بالتعليم يُوقِفُها على حقيقة الأمر، فتتحول من الموافق إلى الرافض المعارض؟
ليس من الصحيح الاستعجال في الإجابة على مثل هذه الأسئلة؛ إذ أنَّنا قد أعطينا ما يُتعاطى في المدارس والجامعات صفةَ العِلم في قبال ما قد أمسى في ظرنا جهلًا، وهو الحالة العامَّة في القُرى قديمًا، ولذا فإنَّ السؤال الذي ينبغي أن يطرح أوَّلًا، هو:
هل كانت المرأة القروية جاهلة؟ وهل أنَّ المدارس والجامعات تعطي عِلمًا؟
ما هو العلم للإنسان؟
عندَّما يكتسب الفردُ المعرفة بمسائل وأصول كلية تدور حول موضوع معيَّن، وتكون معرفته بها من خلال منهج معتمد، فينتهي إلى نظريات وقوانين خاصَّة، فإنَّه حينها عالِمٌ بهذا العلم الذي تُشَكِّلُه مجموعة مسائله، وبالتالي فإنَّه لا يُشكُّ في كون الطبِّ علمًا ومثله الهندسة والفلك وغيرها من العناوين الموضوعة للعلوم.
ولكن..
ما شأن هذا بقضية تعدُّد الزوجات؟
عندَّما تتعلَّم المرأةُ الطبَّ أو الهندَّسة أو السياسةَ أو الاجتماعَ أو غيرها من العلوم، فأين هو التقاطع بينها وبين قضية تعدُّد الزوجات؟
هذا وقد أشرنا إلى حالة من التناسب بين التعلُّم وبين رفض المرأة للتعدُّد!
أطرح سؤالًا وأرجئ الإجابة عليه إلى الأسبوع القادم عن شاء الله تعالى، والغاية من الإرجاء أن يشاركني القراء الكرام آراءهم حول هذا الموضوع بشكل عام، والسؤال على وجه الخصوص.
السؤال: لماذا نتعلَّم؟
لا يُتصور أن الإجابة سهلة، بل هي من أعقد ما يمكن أن يُفكِّر فيه الإنسان.
السيد محمَّد على العلوي
23 من ذي الحجّة 1437 هجريّة
25 سبتمبر 2016 ميلادية