تتمتع المرجعية الدينية عند الشيعة الإمامية بمكانة عالية جدًا تصل إلى حد مكانة الإمام المعصوم (عليه السلام) ما عدا مقام العصمة، وهذا وإن لم يكن نظريًا غالبًا إلا أنه يمارس عمليًا وبشكل أوضح من أن يوضح، ولذلك فإن مرجع التقليد إذا قال كلمة فإن أعناق مقلديه تنقاد إليها تمامًا، ومن هنا فلو أن المرجعيات تندمج في مجلس قيادي منفتح فإنها بأرضيتها الجماهيرية الضخمة تشكل قوة هائلة لا أبالغ لو نفيت النظير عنها!
ولكن على أية حال فإن هذا غير متحقق ولا نرى في الأفق علامات على السعي لتحقيقه، وليكن ذلك، فإن القوة تبقى من تلك التي لا يستهان بها إذا ما تحركت جماهير الشيعة في نقلات نوعية تغادر بها مواطن الضيق الفكري إلى رحاب الانفتاح على المعادلات الطبيعية التي تشكلها المجتمعات البشرية.. وهنا معقد الفكرة، فلندقق جيدًا..
عندنا أن مرجع التقليد الجامع للشرائط المقررة يشغل مقام النيابة العامة للإمام المعصوم (عليه السلام)، وبعبارة موجزة نقول بأن مرجع التقليد الجامع للشرائط هو في حقيقته إمتداد في زمن الغيبة للقيادة الدينية المعصومة، ومن الواضح جدًا أن زيدًا من الناس إذا اتخذ فلانًا مرجعًا له فإنه يقول حتمًا بجامعيته لشرائط التقليد، وبهذا تقوم الحجة فيما بينه وبين الله تعالى، ولا شأن لا لي ولا لغيري ولا لصغير ولا لكبير بما هو عليه، خصوصًا وإن اختياره ليس اختيارًا شاذًا، فمراجع التقليد يتقدم كُلُّ واحدٍ منهم قاعدةً جماهيريةً ضخمة منتشرة في مختلف بقاع العالم.
الآن..
ياتي عمرو فيقول: لم يثبت عند بكر (مجتهد) اجتهاد عامر.
طيب، عامر هذا يقلده مليون مكلف شيعي، فعلى أي أساس اتخذوه مرجعًا؟ وهو نفسه عنده كرسي درسه وطلابه ومريدوه، وهم يسمعون ويرون ما يرمى به مرجع تقليدهم، إلا أنهم لا يزالون على تقليده!
إما أن نقسمهم بين معاند وعميل ومغرر به ومخدوع وضال، ثم ينشغل آخرون بآخر فنخرج بنفس النتيجة، وفي نهاية المطاف نكتشف أننا أمة لا تحترم نفسها أصلًا، وإن أوهمت نفسها بخلاف ذلك..
طيب، أنت يا عمرو ما شانك وفلان من (المراجع)؟ من طلب منك التبرع بالتأليف ضده أو عقد الجلسات واللقاءات والندوات للنيل منه؟
يجيب: كثير من المؤمنين طلبوا مني التصدي وعاتبوني على السكوت، فاللازم اتخاذ موقف وانقاذ الناس من ضلالات ذاك (المدعي)..
الظريف أن نفس ما يصرح به عمرو يقوله ضده جابر، وهذا الأخير متعرض أيضًا لثالث، وهكذا كل واحد (يفرم) في الآخر، وتتشكل أجهزة التتبع والتحقيق والمراقبة والمقارنة، فهذا ينتج ضد ذاك، وذاك يجمع الوثائق ضد هذا.. (وأمريكا ماضية في إعادة صياغة الخريطة الثقافية للعالم)!!
هناك شياطين يديرون هذه اللعبة القذرة، وأدواتهم أطفالٌ أقرب ما يكونون في حركاتهم وتحركاتهم من عسلان الفلوات، فالذئاب (وهي العسلان) تصاب بحالة من الجنون عندما تقبل على فريسة فتكون بين ذهاب ومجيء ونط وقفز ودوران..
تعالوا أيها الأكارم لنقف برهة متأملين قوله تعالى لرسوله الأعظم صلى الله عليه وآله (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً)، ويقول أيضًا (لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ)، هذا والمقام مقام النبي الأكرم والرسول الأعظم قائد هذه الأمة والشهيد عليها محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله)، فكيف يتجرأ من هو دونه بأن يجعل نفسه وصيًا على الناس فيفرض فكره وتشخيصاته عليهم، ثم من يخالفه فهو ضال فاسق زنديق؟؟!!
والعجيب أن هناك من يستجيب لمثل هذه السلوكيات القبيحة جدًا فيشكل معها تيارات تخبط برجلها والأيدي!
غريب هذا الأمر والله.. هذا يطعن في المرجعية الفلانية، فيقوم أتباعها بما يثبتها ويرد كلام المدعي الأول، ثم تدور الدوائر عليه.. ويريدون من الشعوب الإطمئنان إلى أن الدين الإسلامي دين حكم وسياسة!!
أي حكم وسياسة وأنتم عاجزون عن فهم أبسط معادلة ثقافية مجتمعية؟ كم يسيء المسلمون للإسلام ويطعنونه في اليوم ألف طعنة يَنْوُنَها (قربة إلى الله تعالى)!!
ولا أزيد.
السيد محمد علي العلوي
5 ربيع الأول 1435 هجرية
7 يناير 2014 ميلادية