حتى لو كان غير مسلم.. لالا.. بل حتى لو كان بلا دين ولا أصل، بل حتى لو كان غير معروف الأب، فهذا كله لا علاقة له بما يصنع في عاشوراء (باسم الحسين عليه السلام)..
في عاشوراء لا يُسْأل أحَدٌ عن دينه ولا عن مذهبه ولا عن شهاداته ولا تخصصه العلمي ولا وظيفته ولا شيء أبدًا، فيكفي أنه يحمل بيده إبريق شاي وأكواب ورقية ليخدم كل من يراه في طريقه وإن كان قاصدًا غير الحسين (عليه السلام)!!
لقد تجاوز الحسين (عليه السلام) كل العناوين.. وأقصد بـ(كل): ما يفيد الاستيعاب والشمول..
أكرر.. لقد تجاوز الحسين (عليه السلام) كل العناوين لينفرد هو فقط بعنوان الإنسانية الذي يتكسر ويتحطم ويتلاشى على شاطئه كل ما سواه، ولأن الحسين (عليه السلام) هو الإنسانية، ولأنه روح الحياة، وهو حقيقة الدين، فإن شعيرته في عاشورائه ينبغي أن تكون للعباد بوابة عظمى تشرق بهم على (لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ)، وتأخذهم إلى (يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ)، فعاشوراء الحسين (عليه السلام) هي قصة (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)، وهي حقيقة (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ)، وهي عين (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ)..
في عاشوراء لا نحتاج إلى أكثر من أن نقول للعالم: هذا هو الحسين (عليه السلام).. تعالوا لتتعرفوا على قصة الحياة من خلاله..
كيف أراه (صلوات الله وسلامه عليه)؟
أراه راية تتقدم الدولة المقدسة لقائدنا المهدي المنتظر (أرواحنا فداه)..
أراه كما ابن عمه مسلم بن عقيل في بعد السفارة، فمسلم سفير للحسين (عليه السلام)، والحسين سفير لله تبارك ذكره..
أراه معقدًا لما كان وما هو كائن وما سوف يكون.. يجمعه الله تعالى ليوم لا مفر منه..
أراه بيرقًا لم ولا ولن يتوقف عن المسير ساعة، فهو على بركة الله يمضي في مشروع أعظم، من لحق به نجا، ومن اشتغل بالنزاعات والقيل والقال فهو في تيه عنه حتى يفيق..
أراه الزمان والمكان.. الروح والحياة.. هو الماء الذي به قام جوهر قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ)..
عاشوراء نعمة عظيمة، إن عملنا لها فلحنا، وإلا فهي حجة علينا وكتاب مبين..
السيد محمد علي العلوي
9 من المحرم 1435 هجرية
13 نوفمبر 2013 ميلادية