ليس هو بالهين، بل قد تمتدُّ خطورته بالمؤمن إلى النار والجحيم!!
.
فلننتبه..
.
روى شيخُنا الكليني (علا برهانه) بإسناده عن فرات بن أحنف، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:
.
“أيُّمَا مؤمن مَنَعَ مُؤمِنًا شيئًا مِمَّا يحتاج إليه وهو يقدر عليه من عنده أو من عند غيره، أقامه اللهُ يومَ القيامِ مسودًّا وجهُهُ، مُزْرَقَّةً عيناه، مَغْلُولَةً يداه إلى عُنُقِهِ، فيُقال: هذا الخائن الذي خانَ اللهَ ورسولَه، ثُمَّ يُؤمَرُ بِهِ إلى النار”
.
لابُدَّ أوَّلًا من الانتباه إلى أنَّ (المانِعَ) مُؤمِنٌ!
.
ثُمَّ ثانيًا: إنَّ كلمةَ (شيء) في قوله (عليه السلام): “مَنَعَ مُؤمِنًا شيئًا” تَعُمُّ كلَّ ما صَدَقَ عليه أنَّه (شيء)، ويبدو أنَّ المِلاك يَدفَعُ القَصْرَ على خصوص المادِّيات من مالٍ وما نحوه..
.
وثالثًا: أنْ يُؤمَرَ بالمُؤمنِ (المانِع) إلى النار فهذا قد يُرَجِّحُ دخوله في عموم الذين (حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ).
.
مِنَ النكَات الدقيقة التي قد يكون من المهمِّ الانتباه لها، ما يُفهم من قوله (عليه السلام): “مِمَّا يحتاج إليه” دون إشارة إلى الكاشف عن الحاجة، أنَّ المناط هو البلوغ، أي بلوغ حاجته للمؤمن فيكون عالمًا بها، وبضميمة الأحاديث الواردة في وجوب تفقُّد المؤمنين لأحوال بعضهم البعض، يكون المُكلَّف مسؤولًا عن المبادرة برفع حاجة أخيه وإن أخفاها أو لم يُصرِّح بها..
.
من تلك الأحاديث الشريفة ما رواه شيخنا الكليني بإسناده عن محمد بن القاسم الهاشمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: “من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم”.
.
قد يكون المُؤمن في حاجةٍ لكلمةٍ طيِّبة.. قد يكون في حاجةٍ لبسمةٍ صادِقَة.. لكلمة ترفع من معنوياته وتشد من أزره وتشجِّعه.. هو مُستَحقٌّ لما يحتاجه مِن إخوانه، ويكفي في استحقاقه أن يكون مُؤمِنًا وغير مُفسِد..
.
كم من حوائِج مُنِعَتْ عن مُؤمِنين، ومُنِعَ مُؤمِنُونَ عنها؛ لدواعي دنيوية قد أُلبِسَت قميصَ الدين ومصلحة المُؤمنين!! وهكذا يقعد الملعونُ صراط الله المستقيم..
.
كلُّنا مسؤولون عن تقوية مُجتمع المُؤمنين، ولا سبيل إلى ذلك دون الجدِّ أوَّلًا في تحطيم أصنام الأحزاب والانتماءات التي طالما مزَّقت ولا زالت تُمزِّق لحومنا كأنَّنا وقد وقعنا بين أنياب ومخالب ضباعٍ خبيثة حقيرة قذرة..
ملاحظة: نُشِرت هذه المقالة في 7 أبريل 2020 للميلاد