بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم وأعداء شيعتهم إلى قيام يوم الدين.
لقد أبدع الفكر الشيعي إبداعاً سبق الأزمنة عندما نظم لتوثيق مظلومية أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) توثيقاً عملياً يتجدد في كل عام على شكل مجالس وعظ وإرشاد، ومواكب حزن ترفع فيها رايات الإعلان عن حجم الظلم الذي أوقعه المتأبلسون من الناس على الرسول الأكرم وعترته الطاهرة (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).
إن هذه الفعاليات الشعائرية المستدامة أوصلت قضية المواجهة المحتدمة بين الحق والباطل إلى أقطار هذه الأرض حتى عرفت في الشرق والغرب فكانت سبباً رئيسياً لانفتاح العالم على الإسلام ديناً والتشيع مذهباً، ولك في المؤلفات الكثيرة التي خطتها أنامل جمع من المستبصرين دليل واضح على أن الفكر الشيعي وصل منذ زمن بعيد إلى ما وصلته للتو القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية، وهذا الإبداع ما كان ليكون لو لا فهم الشيعة المخلصين آنذاك لمسؤوليتهم الدينية وتحملها بدقة وكفائه.
في ذاك الوقت المبكر كانت الشعائر الدينية عموماً، وتلك الخاصة بإظهار مواجهة الحق للباطل في قضية أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) تتحرك بروحها ومؤثراتها الذاتية بدافع الشعور بعمق القضية ودقة المطالب الحقة، فكان الخروج في موكب إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام) يعني وبشكل مباشر توجيه رسائل صريحة لكل متهاون مع الباطل فضلاً عن الباطل نفسه، وبذلك فإن الموكب الحسيني كان مظاهرة حقٍّ يرفعُ رايتَها المعزون مع استعدادهم التام للتضحية في سبيل الإبقاء على حرارة الدم الكربلائي مشتعلة في قلوب الرساليين.
هكذا يراد لذكرى الحق أن تكون، ولو كانت لكنا الأقوى والأكثر ثباتاً بلا شك، فصاحب القضية قوي بقضيته مرفوع الهامة بتحمله إياها، أما ذاك المتزين بعنوانها البعيد عن مضامينها فهو الضعيف الهيّن الذي لا يخاف الباطلُ جانبَه، فذكرى الحق في مواجهته مع الباطل ليست مسألة سينمائية تصاغ في (هوليود) محلي، ولكنها مسألة إحساس داخلي عميق بمسؤولية إحياء هذه المواجهة دائماً وأبداً حتى يأذن الله تعالى للقائم المنتظر (أرواحنا فداه) بالظهور ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً.
في هذا الصفحات لا أريد أن أقول لحملة الشعائر الحسينية بأن يحددوا موقفهم من مسؤولية المواجهة الولائية بين الحق والباطل، وبالتالي يكون التحديد لطريقتهم عموماً في إحياء الشعائر، سواء في القصائد أو تتابع الصفوف أو اللباس وقصات الشعر.. لا أريد أن أوجه مواعظ في هذا الميدان، ولكنني أريد مناقشة شرط الإحياء الذي إن انتفى انتفى معه الإحياء.
فبسم الله الذي أستمد العون منه أولاً وأخيراً..
السيد محمد علي العلوي
16 من ذي الحجة 1431 هجرية
23 نوفمبر 2010 ميلادية
لتحميل الملف: